الخير في مكامن الشر - AN OVERVIEW

الخير في مكامن الشر - An Overview

الخير في مكامن الشر - An Overview

Blog Article

ونضرب لهذا مثلاً يتبين به الأمر ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا .

هذه المشكلة العويصة ألهبتْ فكر الإنسان منذ فجر الإنسانية، ورمته بين أنياب الصراع، تعتصره الهواجس، وتُحطِّمه الشكوك والظنون، وهو حائر حائر، لا يجد لنفسه دليلاً ولا مرشدًا.

                                              ليلة المولد

ما بعد الإنسانية.. هواجس أتمتة الوعي ومسخ القيم.. ... د. عبدالعزيز عيادة الوكاع

فالمقدور الكوني : إذا قدر الله عليك مكروهاً، فإنك رضيت أو ما رضيت، لا بد أن يقع.

وإذ كان الشر حقيقة علة البشر، وكان الخير أصل شفائها، فقد انطوى الإنسان على حقيقة الداء، وأصل الشفاء على ما قال عليٌّ كرم الله وجهه، أو على ما ينسب إليه:

وهذه إشارة للإنسان فالله خلق كل دابة من ماء فبعضهم يزحف على بطنه وبعضهم يمشي على أربع وبعضهم يمشي على رجلين, فكلهم دواب والدابة هي ما دب على وجه الأرض من مخلوقات الله تبارك وتعالى , وهذا كناية عن الأشخاص الذين لديهم السمع ولكن لا يسمعون لأنهم لا يحرمون أسماعهم فيما يرفع مستوى عقولهم , وبالتالي يرفع مستوى حياتهم ومستوى حياة الناس من حولهم .

من القضايا الأزلية التي حيَّرت الإنسان وأرهقتْه، وبدَّدت قواه العقلية ومزَّقته: قضية الخير والشر.

كانت هناك عقيدة ترى أن الإنسان عبدٌ لقوى مسيطرة هي قوى الشر، وأن الخير يقف عاجزًا أمام طغيانها لا قبل له بمُواجهتِها، لذلك فلا سبيل له إلا الاستسلام لها أو ترضيتها ما استطاع إلى ذلك سبيلاً، فإن استخلص من براثنها شيئًا فإلى حين؛ إذ لا تلبث أن تستعيده وتلتهمه؛ لأن قانون هذا الوجود في نظره هو الفناء لا البقاء، ومن هنا لجأ الإنسان القديم إلى عبادة آلهة الشر استرضاءً لها وخوفًا من نقمتِها.

"إِنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّةِ وَشَر فَجاءَنا اللَّهُ بِهذا الْخَيْرِ ِفَهَلْ بَعْدَ هَذا الخَيْر َمِنْ شَرٍ? قَالَ: «نَعَمْ» وَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّر مِنْ خَيْر? قَالَ:  «نَعَمْ وفيهِ دَخَنٌ» قُلْتُ: وَمَا دَخَنُهً?

. حيث لا فكر له يدرك حرمة الملكيات ولا إرادة تقف به عن الحدود المرسومة...

والمعروف أنَّ الخير الحسِّي يعود أثره على ظاهر حياة الإنسان، في نقطة الخير في الشر بدنه ،وثروته ،وبنيه، ومنصبه، وجاهه، ونحوه... ولكن الخير المعنوي، يرجع إلى باطن الإنسان... يرجع إلى ما أمدَّ به في تكوينه من خصائص الروح، وما لضميره من بصائر وملكات تستمد من تلك الخصائص.... فكل ما يعود على تلك المواهب والملكات الباطنة بالحياة وصدق الاستمداد، والقدرة على تحقيق الصفات  مُثلاً فاضلة، فهو خير... خير للإنسان نفسه لأنه إحياء لحقيقته وما تضمنه تلك الحقيقة من حواس الوعي وملكاته.

وضرب الحياة الباطنة... يمثله انفعال غرائز فطرته الروحيّة من وراء بشريته بما تدرك من حقائق باطن الكون.

أستاذ الفقه بجامعة الإمام محمد بن سعود عضو هيئة كبار العلماء (سابقاً)

Report this page